الخميس، 31 أكتوبر 2013

مقام الشيخ جبارة العامري


مقام الشيخ جبارة العامري

تحتضن مدينة العريش في شبه جزيرة سيناء مقام لشيخ جليل من قبيلة بني عامر (الملالحة) وهو مقام الشيخ جبارة العامري , ويقع المقام وسط مدينة العريش , وقد ذكره نعوم شقير في كتابه "تاريخ سيناء" إذ يقول : " قبة الشيخ جبارة في جَبَّانة (1) العريش القديمة , قيل هو من أولياء البادية ويدّعي الملالحة أنه من أجدادهم " . (2)

وقد علق المؤرخ والنسابة فايز أبو فردة العامري على قول نعوم شقير "يدعي" حيث قال : " هذا ليس إدعاءً , بل هو الحقيقة , فهو (أي: الشيخ جبارة) جد الجبارات من قبيلة بني عامر (الملالحة) , وهم عشيرة كبيرة تضم عدداً كبيراً من الأفخاذ " . (3)

والشيخ جبارة نسبه معروف فهو من سلالة مزروع من بني عامر (الملالحة) وهم ينتسبون للصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه .

وقصة الشيخ جبارة العامري (4) وحسب ما هو متوارث عند قبيلة بني عامر (الملالحة) أنة كان يسكن مع قومه في منطقة سكرير جنوب يافا على الساحل الفلسطيني , وكان شيخاً جليلاً وإنساناً صالحاً معروف بالتقوى وعمل الخير وسيرته حسنه , وكان صاحب كرامات , وقصده سكان العريش شاكين طالبين منه المساعدة لمصبية ألمت بهم , وهي أن وحشاً ضخماً نزل ببلدتهم , فقد أقض مضاجعهم وأفزعهم وقام بقتل عدد من السكان وبأكل العديد من الأغنام, لدرجة أن الناس كانوا يخشون أن يردوا على بئر الماء خوفا من هذا الوحش .

وبعد سماع الشيخ جبارة العامري لشكوى أهل العريش , قرر الذهاب معم إلى بلادهم , وطلب العون من الله على قتل ذلك الحيوان الغريب , وتم له ما أراد فقد قُتل الحيوان على يده , ففرح أهل العريش وحمدوا الله وشكروا الشيخ على فعلته , وأستنجدوا به ألا يتركهم , وطلبوا منه أن يبقى عندهم ليكرموه على فعلته , ولبعد المسافة بين سكرير والعريش , فأجابهم إلى ذلك وبقي بين ظهرانيهم .

وتذكر المصادر بعد هذه الحادثة روايتان أحدها أنه بقي عندهم حتى توفي ودفنوه في جبانة العريش , والأخرى أنه مكث عندهم فتره ثم رجع لأهله في سكرير وتوفي هناك , وعلى كلٍ فقد بَنى أهل العريش في جبانة العريش مقام للشيخ جبارة تكريماً له , وهو يزار إلى عهد قريب , ويعتقد انه من أولياء الله الصالحين .

ومقام الشيخ جبارة العامري على شكل غرفة حجرية لها باب ويتوسط سقفه قبة , وقديماً كان المقام يضاء بالزيت أو الشموع , ويحرص الناس على زيارته تبركاً به , وبجواره مقبرة دعيت باسمه " مقبرة الشيخ جبارة " , وقد كانت مقبرة كبيرة , لكن مع زيادة السكان تم الزحف عليها ولم يبقى منها سوى أربع قبور وهم: قبر الشيخ جبارة العامري , وقبر احد جدود السواركة , وقبر احد سكان العريش , وقبر انويجي من أبو زخير من العوامرة .

وقد ذكر نعوم شقير أن مقام الشيخ جبارة قد رمم في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي إذ يقول : " وقد رمّم هذه القبة عثمان بك فريد أيام كان محافظاً للعريش وبني بجانبها سبيل ماء وكتب على حجر رخامي فوق باب القبة هذه العبارة : " هذا مقام الشيخ جبارة جدّده عثمان بك فريد محافظ العريش سنة 1317هـ " سنة 1899م . وبنى بجانب القبة سبيل ماء وقف له نصف ريال في الشهر لاحيائه . " (5)

إما الآن لم يتبقى من المقام أي أثر , فقد هدم وبُني مكانه ميدان سمي بميدان الشيخ جبارة , ويُعرف الميدان عند أهل العريش باسم ( ميدان الفواخرية ) نسبة لقبيلة تسكن هناك , وبني بجواره مسجد يدعى مسجد أبو بكر الصديق .


إعداد : الباحث حسام أبو العوايد العامري
وشكر خاص للأخ الباحث أيمن جاد الله العامري

...............................
المراجع:
(1) جَبَّانة : وهي المقبرة أو المدفن , وجمعها جبَّانات , يقال: شيَّعوا الجنازةَ إلى الجبَّانة .
(2) ( شقير , نعوم , تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها , بيروت دار الجيل , ط1 1991, ص 164 ) .
(3) (أبو فردة , فايز بن أحمد , من تاريخ القبائل في الأردن وفلسطين , دار ابن الجوزي , عمّان , 2005 , ق1 , ص 123) .
(4)  روى لي هذه القصة الأخ الباحث أيمن جاد الله العامري , وهي منشوره على الشبكة ضمن بحث بعنوان : بعض مساكن الأجداد لقبيلة بني عامر (الملالحة) .
(5) ( شقير , نعوم , مصدر سابق , ص 164 ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق