مقام الشيخ جبارة العامري
تحتضن مدينة العريش في شبه جزيرة سيناء مقام لشيخ جليل
من قبيلة بني عامر (الملالحة) وهو مقام الشيخ جبارة العامري , ويقع المقام وسط
مدينة العريش , وقد ذكره نعوم شقير في كتابه "تاريخ سيناء" إذ يقول :
" قبة الشيخ جبارة في جَبَّانة (1) العريش
القديمة , قيل هو من أولياء البادية ويدّعي الملالحة أنه من أجدادهم " . (2)
وقد علق المؤرخ والنسابة فايز أبو فردة العامري على قول
نعوم شقير "يدعي" حيث قال : " هذا ليس إدعاءً , بل هو الحقيقة ,
فهو (أي: الشيخ جبارة) جد الجبارات من قبيلة بني عامر (الملالحة) , وهم عشيرة
كبيرة تضم عدداً كبيراً من الأفخاذ " . (3)
والشيخ جبارة نسبه معروف فهو من سلالة مزروع من بني عامر
(الملالحة) وهم ينتسبون للصحابي الجليل أبو هريرة الدوسي رضي الله عنه .
وقصة الشيخ جبارة العامري (4) وحسب ما هو متوارث عند قبيلة بني عامر (الملالحة)
أنة كان يسكن مع قومه في منطقة سكرير جنوب يافا على الساحل الفلسطيني , وكان شيخاً
جليلاً وإنساناً صالحاً معروف بالتقوى وعمل الخير وسيرته حسنه , وكان صاحب كرامات
, وقصده سكان العريش شاكين طالبين منه المساعدة لمصبية ألمت بهم , وهي أن وحشاً
ضخماً نزل ببلدتهم , فقد أقض مضاجعهم وأفزعهم وقام بقتل عدد من السكان وبأكل
العديد من الأغنام, لدرجة أن الناس كانوا يخشون أن يردوا على بئر الماء خوفا من
هذا الوحش .
وبعد سماع الشيخ جبارة العامري لشكوى أهل العريش , قرر
الذهاب معم إلى بلادهم , وطلب العون من الله على قتل ذلك الحيوان الغريب , وتم له
ما أراد فقد قُتل الحيوان على يده , ففرح أهل العريش وحمدوا الله وشكروا الشيخ على
فعلته , وأستنجدوا به ألا يتركهم , وطلبوا منه أن يبقى عندهم ليكرموه على فعلته ,
ولبعد المسافة بين سكرير والعريش , فأجابهم إلى ذلك وبقي بين ظهرانيهم .
وتذكر المصادر بعد هذه الحادثة روايتان أحدها أنه بقي
عندهم حتى توفي ودفنوه في جبانة العريش , والأخرى أنه مكث عندهم فتره ثم رجع لأهله
في سكرير وتوفي هناك , وعلى كلٍ فقد بَنى أهل العريش في جبانة العريش مقام للشيخ
جبارة تكريماً له , وهو يزار إلى عهد قريب , ويعتقد انه من أولياء الله الصالحين .
ومقام الشيخ جبارة العامري على شكل غرفة حجرية لها باب
ويتوسط سقفه قبة , وقديماً كان المقام يضاء بالزيت أو الشموع , ويحرص الناس على
زيارته تبركاً به , وبجواره مقبرة دعيت باسمه " مقبرة الشيخ جبارة " ,
وقد كانت مقبرة كبيرة , لكن مع زيادة السكان تم الزحف عليها ولم يبقى منها سوى
أربع قبور وهم: قبر الشيخ جبارة العامري , وقبر احد جدود السواركة , وقبر احد سكان
العريش , وقبر انويجي من أبو زخير من العوامرة .
وقد ذكر نعوم شقير أن مقام الشيخ جبارة قد رمم في نهاية
القرن التاسع عشر الميلادي إذ يقول : " وقد رمّم هذه القبة عثمان بك فريد
أيام كان محافظاً للعريش وبني بجانبها سبيل ماء وكتب على حجر رخامي فوق باب القبة
هذه العبارة : " هذا مقام الشيخ جبارة جدّده عثمان بك فريد محافظ العريش سنة
1317هـ " سنة 1899م . وبنى بجانب القبة سبيل ماء وقف له نصف ريال في الشهر
لاحيائه . " (5)
إما الآن لم يتبقى من المقام أي أثر , فقد هدم وبُني
مكانه ميدان سمي بميدان الشيخ جبارة , ويُعرف الميدان عند أهل العريش باسم ( ميدان
الفواخرية ) نسبة لقبيلة تسكن هناك , وبني بجواره مسجد يدعى مسجد أبو بكر الصديق .
إعداد : الباحث حسام أبو العوايد العامري
وشكر خاص للأخ الباحث أيمن جاد الله العامري
...............................
المراجع:
(1) جَبَّانة :
وهي المقبرة أو المدفن , وجمعها جبَّانات , يقال: شيَّعوا الجنازةَ إلى الجبَّانة
.
(2) ( شقير ,
نعوم , تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها , بيروت دار الجيل , ط1 1991, ص 164
) .
(3) (أبو فردة ,
فايز بن أحمد , من تاريخ القبائل في الأردن وفلسطين , دار ابن الجوزي , عمّان ,
2005 , ق1 , ص 123) .
(4) روى لي هذه القصة الأخ الباحث أيمن جاد الله
العامري , وهي منشوره على الشبكة ضمن بحث بعنوان : بعض مساكن الأجداد لقبيلة بني
عامر (الملالحة) .
(5) ( شقير ,
نعوم , مصدر سابق , ص 164 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق