بيت الشَعّر
العامري
بقلم الباحث: حسام أبو
العوايد العامري
مقدمة
بيت الشَعّر العامري هو
العنصر الأهم فى حياة العوامرة ، حيث يعتبر من أهم عناصر الثقافة المادية ولابد أن
نتعرف على هذا المكان وكيف يتم تصنيعه وللمرأة العامرية الدور الأكبر فى صناعته،
كما أن بيت الشَعّر العامري يعكس لنا كثيرا من عادات وتقاليد قبيلة بني عامر
(الملالحة) ؛ فالعامري لم يكن يعرف المساكن الثابتة، بل هناك بيوت الشعر ترحل معه
أينما رحل, وهذه البيوت يصنعها العوامرة بأنفسهم من شعر الماعز وصوف الغنم ووبر
الإبل.
ومن مميزات بيت الشَعّر
أنه خفيف الحمل يسهل نقله من مكان إلى آخر ويحفظ درجة الحرارة فلا تصل البرودة إلى
الداخل، ويمنع مياه الأمطار من دخوله فى الشتاء.
وسنتعرف في هذا البحث على طريقة صنع بيت الشعر
العامري ومكوناته وأساليب بناءه وتقسيماته والقيمة المعنوية له.
طريقة صنع بيت الشعر العامري
لصناعة بيت الشعر العامري يلزم خطوات عديدة
غاية في الدقة توارثتها قبيلة بني عامر (الملالحة) على مر العصور , وسنتعرف عليها
بالتفصيل .
أولاً : صناعة الغزل
1-
لتجهيز بيت الشعر يتم أولاً قص شعر الماعز وجمعه ونشره على الأرض.
2-
من ثم يؤتى بعصا خشبية رفيعة وتدعى (مطرق) وهي عادة تكون من شجر اللوز.
3- ويطرق الشعر وذلك لتنظيفه واخراج الشعر الناعم الذي
لايستفاد منه ولتشبيكه ببعضه البعض ليسهل لفه.
4- ثم يجمع بعد طرقه ويلف على الايدي وتسمى هذه اللفة
(كوكه) والعمل تكوك.
5- ثم يؤتى بالمغزل وهو
قطعة خشبية قائمة في اعلاها طاره وبرأس المغزل عكفة أو معكافة, ووظيفتها جعل الشعر
المطروق على شكل خيوط .
6- ويتم ربط اول الشعر المطروق بالمغزل ثم يُبدأ
بالغزل, وعادة بني عامر تكون حركة المغزل في الغزل على الركبة باتجاه اليمين أي
للإمام.
7- ويتم تجميع الشعر
المغزول على آخر خشبة المغزل ثم تجمع مع بعضها في كرات تسمى "كوكه" أو
"دحارج" .
8- ومن ثم تربط كل كرتين مع بعض ليصبح الخيط مزدوجاً
ويسمى هذا العمل "تقيني" أو "مقاناه" .
9- ثم يؤتى بماء وملح في وعاء وتوضع به الكرات مدة
اربعة ايام حتى تخمر.
10- ثم نأتي بالمغزل ونبرم الغزل ليصبح مشدوداَ , وعادة
بني عامر تكون حركة المغزل في برم الغزل على الركبة باتجاه الخلف .
11- ثم يتم نشر الغزل
المبروم ليجف منه الماء.
12- ثم يلف مرة أخرى بالأيدي ويتم جمع كل 4 كرات غزل
(كوكات) سويةً, ليصبح لدينا كرة غزل كبيرة تسمى (راس). ويستخدم كذلك الميشع
للخياطة العكسية على المدى بعد فرده على الأرض وهو عود خشبي يلف عليه الغزل ويملأ
كلما نفذ.
وأخيراً يتم تجميع هذه الرؤوس وتكون بكميات كبيرة ويبدأ الآن تجهيز النول
الذي سيتم نسج الشقة عليه .
ثانياً: حياكة بيت الشعر العامري
ويلزم ذلك عمل نول مبسط وطريقة صنعه كما يلي:
- يتم دق قطعة حديدية أو خشبية تسمى (نيرة) في الأرض ثم تمد قطعة حديدية
أخرى على طول الشقة المراد عملها مثلاً 10 متر ويتم قياس الشقة براس المرأة عادة .
- ويتم تثبيت هذه القطعة الحديديه في الأرض على مسافة طول الشقة وعرضها 3
أشبار أو 4 أي حوالي 60-80 سم.
- ويتم ربط الغزل بهذه القطعة وتقوم أمرأة بأخذ الغزل من قطعة الحديد إلى
الحديدة الأخرى وندخله من تحتها ونرجع للأولى وهكذا حتى نصل لعرض الشقة المطلوب
وبهذا تم اكتمال مد الخيوط ويسمى المدى , ويكون لدينا خيوط شعر مزدوجات
أعلى واسفل.
- ونأتي بالميشع وهو عود عليه غزل ويوضع بشكل عكسي على المد, وتكون بيد
المرأة العامرية المدراة وهي أداة حديدية لها رأس لرص الغزل وتشبيكه , ويتم الرص النهائي للغزل بواسطة قطعة خشبية تسمى
المنساج.
وبهذا تم الأنتهاء من حياكة الشقة. ولتجهيز بيت الشعر يلزم عادة ما بين 5 إلى
8 شقق .
طريقة بناء بيت الشعر العامري
وتبني قبيلة بني عامر
(الملالحة) بيوت الشعر حسب نظام معين لا تدخل فيه الصدفة، فبيت الشعر العامري يبنى
ويفتح بابه ناحية الشرق الجغرافي ، و يتكون فى أساسه من عدد من "الشقاق"
ومفردها شقُة والشقُة تنسجها المرأة العامرية من شعر الماعز الأسود وعرضها حوالى
60 سم كما ذكرنا , أما الطول فيتوقف على التقسيم الداخلى للبيت وتقوم المرأة
العامرية بخياطة الشقة إلى مثيلتها، وهكذا حتى تصل إلى العرض المطلوب. والغالب فى
بيوتات الشعر العامرية أنها تتكون من ست شقات وعند اليسر والغنى المادى يتكون من
12 شَقة أى ضعف الأول.
مكونات بيت
الشعر العامري
1- سقف بيت الشعر: وهو مكون من 6 إلى 12 شَقة.
2- الرواق: وهو نسيج من الصوف والشعر ويحيط بالبيت من جوانبه، ويثبت بأطراف سقفه.
3- المعند: وهو نسيج من الصوف والوبر وبه يتم تقسيم البيت من الداخل إلى رفتين أو
ثلاث.
4- الشّعبة أو الخطفة: وهى من خشب شجر المتنان أو شجر الرتم أو شجر الطرفا على شكل مثلث طول ضلعه
15سم تثبت فى البيت ويربط بها الحبال وعددها عشر فى البيت الواحد.
5- الواوية:
وهى قطعة من الخشب تثبت
فى منتصف سقف البيت من الداخل لتمسك بواسط البيت لحفظه من الانهيار.
6- الأعمدة:
وأقلها تسعة أعمدة,
وهذا يكون في البيت المكون من رفتين , وتكون: ثلاثة فى الأمام وثلاثة فى وسط البيت
وثلاثة فى مؤخرة البيت ولكل عمود من هذه الأعمدة اسم يعرف به وأهمها عمود الوسط
وعليه يرتكز البيت وهو مثبت بشكل رأسى فى الواوية، أما الأعمدة التى فى مقدمة
البيت فهى المقدم وهو أمام الواسط مباشرة، وعن يمين المقدم عمود اليد، وعن يساره
أيضا اليد، وفي الوسط عمود الواسط وعن يمينه ويساره العامر , أما خلف عمود الواسط
فيوجد عمود الزافرة أو الميخر وعن يمين الزافرة ويسارها يوجد عمودا الرجل.
7- الحبال:
وعددها 9 أعمدة حبال
تشد قبالة كل عمود من الأعمدة تثبت كل منها فى الأرض بوتد إذا كانت الأرض غير
رملية وإذا كانت رملية يثبت بدفنه فى الأرض على بُعد مناسب. ويستخدم كراب البيت
لكرب الحبال وشدها .
8- البطانة:
وهى نسيج عرضه 20 سم،
وتلحم فى طرفى البيت من الداخل وبعرضه وبوسط البيت ومهمتها حماية سقف البيت من
رؤوس الأعمدة.
9- الغدفة : وهى نسيج من الصوف والوبر تثبت فى واجهة البيت وترفع وتنزل حسب الاحتياج
وهى تمثل بوابة بيت الشعر. وتسمى أيضاً الحظنة.
تقسيمات بيت
الشعر العامري:
يقسم بيت الشعر العامري
إلى قسمين أو ثلاثة أقسام وكل قسم يسمى "الرفة" يتم هذا التقسيم بواسطة
"المعند" فتقسم إلى رفتين , أو تقسم إلى ثلاث رفات ويسمى البيت فى هذه
الحالة "بيت فازة" تخصص "رفة" من البيت للمحرم؛ أى للنساء،
أما الرفة الثانية فتخصص للرجال وضيوفهم ومن عادة قبيلة بني عامر (الملالحة) أن
يكون المحرم على يسار الداخل.
ويجدد بيت الشعر حسب
حالة الشقق المكونة له، فكلما ساءت حالة "شَقة" تم استبدالها بأخرى
جديدة يتم صناعتها.
حماية بيت
الشعر:
يتمتع بيت الشعر العامري بحماية خاصة فى العرف العامري
والبدوي عموماً فهو محمى من جميع الجهات، بما مداه أربعون خطوة تعتبر محرما للبيت
لا يجوز الاقتراب منها إلا بإذن صاحب البيت، وكذلك فإن البيت العامري يؤمن كل من
يدخل فيه أو دخل حرمه حتى لو كان هذا الداخل من أعداء أصحاب البيت وفى جميع
الأحوال والأزمنة فإنه لا يجوز إتيان البيت من ظهره، وإلا عد ذلك من قبيل التحريم
الذي يهدر الكرامة.
خاتمة
وغنى عن البيان القول
إن بيت الشعر فى المجتمع العامري يساعد كثيرا على تحقيق أكبر قدر ممكن من التوافق
مع الظروف البيئية، حيث حياة الترحال والتنقل، ومكوناته جميعها من خامات متاحة فى
هذه البيئة الصحراوية، ويتم صناعته من الألف إلى الياء دون الاعتماد على أى بيئات
أخرى.
وكتبه الباحث : حسام أبو العوايد العامري
الأردن